الصناعات الفلسطينية بين فكي الاحتلال والمنافسة
تم النشربتاريخ : 2014-06-07
الجزيرة نت
يواجه قطاع الصناعة في فلسطين جملة تحديات ناتجة بالدرجة الأولى عن الاحتلال الإسرائيلي، ثم المنافسة الخارجية غير المضبوطة، مما يحول دون تمكين هذه الصناعة من شق طريقها بقوة نحو السوقين المحلي والخارجي على حد سواء.
وشكّل تحكم الاحتلال في المعابر والموانئ، فضلا عن سيطرته على الأرض، عامل ضغط على الصناعة الفلسطينية، يضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة الإنتاج، الأمر الذي يفسح المجال للبضائع المستوردة للتوسع على حساب المنتجات الوطنية، وهو ما أدى إلى إغلاق مئات المشاغل الصغيرة.
وتقدر وزارة الاقتصاد الوطني عدد المصانع بين صغيرة ومتوسطة وكبيرة بنحو 16 ألف مصنع، الأغلبية العظمى -وتشكل نحو 85%- صغيرة، أي يعمل بها أقل من خمسة أشخاص، ونسبة قليلة جدا تشكل 1% يزيد عدد عمالها على عشرين فردا.
يوسف حسونة: المنتجات المستوردة تشكل تحديا جديا للصناعات المحلية (الجزيرة نت) |
ويؤكد أصحاب المصانع -التي يتركز جزء كبير منها في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية- ومسؤولون أن تبعية الاقتصاد الفلسطيني عموما لإسرائيل جعلها المتحكم الرئيسي في هذا القطاع، لكنهم قالوا إن إجراءات السلطة الفلسطينية للحد من بضائع المستوطنات ساعدت على بداية نهوض للمنتج المحلي.
تبعية وقيود
يوضح مدير مصنع الشرق للإلكترود والعضو السابق في اتحاد الصناعات المعدنية يوسف حسونة أن المنتجات المستوردة تشكل تحديا جديا للصناعات المحلية، رغم ثبوت ضررها أحيانا، مشيرا إلى عدم تدقيق الاحتلال في مواصفاتها أسوة بالبضائع التي تدخل السوق الإسرائيلي.
وقال إن الصناعات البلاستيكية والجلدية والأحذية والمعدنية والأثاث تتصدر قائمة الصناعات الفلسطينية، إضافة إلى صناعتي الأغذية والأدوية، وجميعها -وفق حسونة- يمكن أن تحقق قفزات نوعية لو تخلصت من تبعية الاحتلال.
ولخص رجل الأعمال الفلسطيني عقبات القطاع الصناعي في ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات بأضعاف ما عليه في كثير من دول المنطقة، إضافة إلى عبء النقل الناتج عن انتشار الكثير من الحواجز والمعابر وإغلاق العديد من الشوارع.
ولفت إلى التأثير المباشر لحالة عدم الاستقرار في الدول العربية وخاصة مصر، موضحا أن كثيرا من المصانع كانت تعتمد على مصر في توفير احتياجاتها من المواد الخام، الأمر الذي بات غير متاح اليوم.
من جهته، بيّن مدير مصنع القصراوي للمواد الغذائية زهير القصراوي أن حالة عدم الضبط التي يعيشها السوق الفلسطيني تسمح بدخول منتجات إسرائيلية وأخرى مستوردة، وفق بيانات غير حقيقية وتباع بأسعار منافسة لا تخضع للرقابة.
وقال إن تحكم إسرائيل في المعابر والحدود وإغلاقهما يومين في الأسبوع، إضافة إلى الأعياد اليهودية، يحرم المصانع من ساعات عمل طويلة، مشيرا أيضا إلى المشكلة المتعلقة بارتفاع التكلفة الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء.
وأعرب القصراوي في حديثه للجزيرة نت عن أمله أن يتمكن وزير الاقتصاد الفلسطيني الجديد في حكومة التوافق من الوقوف بجدية مع الصناعات الوطنية وحمايتها لضمان استقرار وظيفي للعاملين فيها.
قطاع مهم
من جهتها، تؤكد وزارة الاقتصاد الوطني أن أوامر الاحتلال وإجراءاته قيدت الاقتصاد الفلسطيني وجعلت منه اقتصادا تابعا واستهلاكيا للمنتجات الإسرائيلية، لكنها أكدت وجود خطة ومساع رسمية وأهداف إستراتيجية لتحقيق تنمية حقيقية.
ويقول الناطق الرسمي باسم وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن إن قطاع الصناعة يشكل ما مجموعه 12.5% من الناتج الوطني الفلسطيني، ويشتغل فيه قرابة 79 ألف عامل، جميعهم فلسطينيون.
ورغم أن عوائد هذا القطاع تشكل نحو سبعمائة مليون دولار سنويا، يفيد عبد الرحمن في حديثه للجزيرة نت بأن 90% من مستلزماتها تستورد من إسرائيل أو من خلالها.
وذكر أن الخزانة الفلسطينية تخسر سنويا نحو مليار دولار بفعل الأوامر العسكرية الإسرائيلية وسيطرة الاحتلال على مناطق شاسعة من الضفة الغربية، وعدم تمكين الفلسطينيين من استخدام مواردهم الطبيعية فيها.
ويؤكد الناطق الرسمي أنه على الرغم من استحواذ صناعة الأثاث على 85% والصناعات الدوائية على 50% من السوق الفلسطيني، فإن حصة السوق من إجمالي المنتجات المحلية لا تزيد على 25%